فتح سمرقند سنة 93 هـ




فتح سمرقند سنة 93 هـ

فتح سمرقند سنة 93 هـ


قائد جيش المسلمين: قُتيبة بن مسلم الباهلي، ومعه أكثر من ثلاثين ألفَ مقاتلٍ.
قائد سمرقند: الملك غوزك، ومعه أكثر من خمسين ألفَ مقاتلٍ.
تُعَد سمرقند أكبر مدن ما وراء النهر، ومن أمنعها وأقواها.

وكان سبب الفتح نَقْض مَلِكها الصلحَ الذي كان بينهم وبين قتيبة؛ فإن الملك السابق طرخون قد رضي بدفع الجزية، لكن غوزك قبض عليه وسجنه، فمات طرخون ثم نقض غوزك العهد، فسار إليه قتيبة وسيَّر أمامه أخاه عبدالرحمن ومعه الفرسان والرُّماة، وأمره أن يكتم الخبر حتى يفجأ العدو، كما أن قتيبة خطب ببقية الجيش وأعلمهم أن القوم قد نقضوا العهد، ثم قال: "إني أرجو أن تكون خوارزم والصغد كقُريظة والنَّضير"، ثم تقدَّم وحاصرها شهرًا، وكان بينه وبينهم قتال، ثم إن أهل سمرقند استنجدوا بمن حولهم من الملوك، وقالوا لهم: إن ظفروا بنا أتَوْكم بمثل ما أتَونا به، عند ذلك أمدوه بجيش كله من الأشراف وأولاد الملوك وأهل النجدة؛ لأنهم قالوا: إنما نُهزَم من قِبَل سفلتنا من الناس، فعبؤوا جيشَهم من كل بطل وصاحب تجرِبة، وأتى هذا الجيش لكي يبيت قتيبة بغتة، لكن الأخبار وصلت إلى قتيبة فانتخب ستمائة فارس من أشجع الناس، وأعطاهم تعليماته لكي يكمنوا لهذا الجيش، وعيَّن عليهم أخاه صالح بن مسلم، ثم كمنوا لهم على بُعْد فرسخين من الجيش، ولما اقتربوا تناوشهم الكمين في منتصف الليل من ثلاث جهات ودارت معركة رهيبة بين خيرة فرسان المسلمين وخيرة فرسان الصُّغْد، كما أن قتيبة أراد أن يتأكَّد بنفسه من مقدرة جنوده، فحضر سرًّا وقاتل معهم متخفيًا، وانتهت المعركة بهزيمة هذا الجيش هزيمة مُنكَرة وقُتِل معظمهم، وأسروا عددًا منهم وحملوا غنائمهم وأتوا إلى عسكرهم، ثم تابع قتيبة حصار سمرقند ورماهم بالمنجنيق حتى أحدث ثُلمة، ثم أمر الناس بالجد في القتال، ودخلوا من الثلمة وصدوا عنهم بالتروس سهامَ الأعداء، ولما رأى أهل سمرقند أن لا سبيل لهم إلا زحزحتهم عن هذه الثلمة وأن مدينتهم على وشك أن تؤخذ عَنوةً، أرسلوا وفدًا إلى قتيبة: "أن انصرف عنا اليوم حتى نُصالِحك غدًا"، فقال قتيبة: "لا نصالحهم إلا ورجالنا على الثلمة"، ثم صالحهم قتيبة على مال جزيل يؤدونه للمسلمين كل عام، وأن يخلوا المدينة من المقاتلين، وأن يبني فيها مسجدًا، فيدخل ويصلي فيه ويخطب فيه كلما أراد، وأن تهدم بيوت النيران وتُزال الأصنام، ثم دخل وبنى المسجد وصلى، وجمع الأصنام فحرقها، وأذاب ما كان فيها من ذهب، فَجُمع فكان أكثر من خمسين ألف مثقال، وهنا أُسقِط في يد الصغد فخرج منها غوزك وتركها، ورحل من أراد الرحيل من أهلها.