غرق فرعون
دأب موسى عليه السلام بعد انتصاره على السحرة على دعاء فرعون إلى الإيمان بالله تعالى و إطلاقه بني إسرائيل ، فأبى و وجد أن عزته تكمن في السلطان و وفرة المال ، و استهزأ بموسى و طالب أن يكون له أسورة من ذهب أو تقترن به الملائكة و قد قال تعالى في وصف فرعون وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تبصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) -سورة الزخرف و بعد أن ياس موسى من هداية فرعون ، سار بقومه أول الليل من مصر إلى الأرض المقدسة ، و أوحى الله لنبيه أن يضرب بعصاه البحر فانفلق البحر اثني عشر فريقاً لاثني عشر سبطاً(أي فريق من اليهود )لكل سبط منهم طريق ، و جفت أرض البحر بتأثير الشمس و الرياح ، و سار القوم آمنين إلى بر الأمن و السلام ن و قد قام الماء على جانبي الطريق كالجبال إلى أن مروا و عبروا سالمين أحس فرعون بخروج بني إسرائيل و هربهم دون إذنه ، فجمع لذلك جنداً عظيماً و اتبع بني إسرائيل ليردهم إلى عبوديته، فأدركهم مع جنوده على ساحل البحر الأحمر فعبر موسى و من معه مسالك البحر فتبعهم فرعون و من معه و لما نجا بنو إسرائيل و تجاوزوا البحر ، كان فرعون حينها قد توسط البحر هو و جنوده، فأطبق الله البحر على فرعون و جنوده و أغرقهم جميعاً حين أدرك الغرق فرعون ، قرر أن يؤمن برب موسى قائلاً : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل و أنا من المسلمين إلا أن الله لم يتقبل إيمان ذلك الطاغية كونه قد قرر أن يؤمن حين الشدة فقط و خوفاً من الموت ، و قد نجى الله تعالى بدن فرعون حتى يكون آية لمن خلفه و عبرة للناس و قد جاء وصف ذلك بالآيات التالية من سورة يونس وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)
الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي , 1992 , القصة القرآنية هداية وبيان ,دار الخير للطباعةوالنشر
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات